دمشق تبدأ إعادة الموظفين المفصولين في عهد بشار الأسد بسبب مواقفهم
دمشق تبدأ إعادة الموظفين المفصولين في عهد بشار الأسد بسبب مواقفهم
بدأت وزارة الإدارة المحلية والبيئة في سوريا، اليوم الجمعة، تنفيذ خطة حكومية لإعادة الموظفين الذين تم فصلهم خلال السنوات الماضية بسبب ما وُصف بـ"مواقفهم المشرفة"، وذلك عبر مقابلات فردية لإعادة تقييم ملفاتهم الوظيفية، في خطوة لقيت ترحيبًا حذرًا في الأوساط الإدارية والحقوقية.
وأكدت الوزارة، في تصريح نقلته "الإخبارية السورية"، أنها باشرت مقابلة 5,622 موظفًا مفصولًا على مستوى المحافظات السورية، في إطار التزامها برؤية إصلاحية جديدة تهدف إلى تصحيح ما سمته "الفصل المجحف" الذي طال عددًا كبيرًا من الموظفين في مراحل سابقة، خاصة خلال ذروة النزاع السوري.
وشددت الوزارة على سعيها إلى إنصاف الكوادر التي تم استبعادها "لأسباب سياسية أو إدارية غير منصفة"، موضحة أن إعادة الدمج ستجري وفقًا للمعايير القانونية والإدارية المعتمدة في مؤسسات الدولة، مع مراعاة متطلبات المصلحة العامة والقدرة الاستيعابية للدوائر الرسمية.
تسوية حقوق ومستحقات
وفي سياق متصل، كشف مصدر مسؤول في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لموقع "اقتصاد" المحلي، أن العمل جارٍ على تسوية مستحقات الموظفين المفصولين قسرًا في عهد النظام السابق، بما يشمل صرف الرواتب المتأخرة والتعويضات عن سنوات الخدمة السابقة، لكن بشكل تدريجي، نظرًا للضغوط المالية الكبيرة التي تعاني منها مؤسسات الدولة.
وأوضح المصدر أن خطة التسوية تستند إلى عدة محاور، أهمها: إعادة الموظفين إلى وظائفهم الأصلية كلما أمكن، وتوفير فرص وظيفية بديلة للذين لا تتوفر شواغر لهم في مواقعهم السابقة، وإتاحة خيار التقاعد المبكر للموظفين كبار السن أو ممن استوفوا شروط التقاعد، مع ضمان صرف رواتب تقاعدية عادلة.
الدمج على مراحل
وأوضح المصدر أن عملية إعادة الدمج "ستتم على مراحل"، مؤكدًا إعطاء الأولوية للموظفين الراغبين في العودة الفورية إلى العمل.
وأشار إلى أن تنفيذ الخطة على الأرض يواجه عددًا من التحديات، أبرزها، نقص السيولة النقدية لدى الدولة السورية.
بالإضافة إلى ضعف الجاهزية الإدارية في بعض المحافظات لإعادة استيعاب المفصولين، وغياب قاعدة بيانات دقيقة تشمل جميع المفصولين، خاصة ممن لا توجد وثائق رسمية توثق فصلهم.
ورأى المصدر أن تحسن الوضع الاقتصادي ورفع العقوبات الأمريكية يمكن أن يُسرّع من إنجاز هذا الملف الذي يعتبر "شائكًا وإنسانيًا" بامتياز.
خلفية سياسية واجتماعية
وكانت عمليات فصل جماعية للموظفين العموميين قد نُفذت في السنوات الأولى من النزاع السوري، ابتداءً من 2011، وطالت عشرات آلاف العاملين في مختلف القطاعات، خاصة من عبّروا عن آراء سياسية مخالفة أو شاركوا في احتجاجات مدنية، وفقًا لمنظمات حقوقية محلية ودولية.
ورغم أن الحكومة السورية لم تُصدر رقمًا رسميًا حتى الآن، تشير التقديرات إلى أن عدد المفصولين قد يتجاوز عشرات الآلاف، ما خلّف آثارًا اقتصادية ونفسية واجتماعية كبيرة، لا سيما في المناطق التي شهدت قتالًا أو حركات معارضة واسعة.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة، رغم أهميتها، تأتي في إطار إعادة تموضع سياسي واجتماعي تسعى من خلاله السلطات السورية إلى ترميم الثقة بين مؤسسات الدولة والمجتمع، خاصة في ظل ضغوط دولية متزايدة لإحداث إصلاحات داخلية تسبق أي تسوية سياسية شاملة.
ويطالب ناشطون ومفصولون سابقون بضمانات واضحة تكفل عدم التمييز في إعادة الدمج، وضمان العدالة في صرف المستحقات وتعويض سنوات الحرمان والمعاناة، مؤكدين أن ما جرى خلال السنوات الماضية لا يمكن طيّه إلا ضمن مسار حقيقي للمصالحة والإنصاف، يتجاوز الملفات الإدارية إلى الحقوقية والقضائية.